نهاية أسبوع مليء بالأحداث... قررت و زميلي في العمل قضاء الليل في التجوال في حانات البحرين لننسي أنفسنا العناء الذي لقيناه و نحتفل بانتهائه. الساعة قاربت الحادية عشر مساءاً… التقيت بزميلي في أحد المقاهي و احتسينا الكثير من القهوة استعداداً لسهرة قد تمتد للطلوع الشمس.
كوني أكثر سيطرة على السيارة و أكثر تعقلاً من زميلي عند الشرب، قررنا ركوب سيارتي و توجهنا لأحد الحانات في شارع المعارض و التي تحمل أسم احد معالم البحرين الحديثة. أول ما لفت نظرنا اصطفاف سيارات التاكسي المحملة بالجنود الأمريكيين بالإضافة لقلة من الشباب الأوروبي تفرغ حمولتها واحدة تلو الأخرى، أما السيارات الخليجية في الشارع فحدث ولا حرج. سيارات فارهة من كل صنف و نوع، السعودية و القطرية و الكويتية. دخلنا الحانة وإذا بطابور من البنات الآسيويات يستقبلنا بحفاوة من قبلات و سلام. استقرينا على أحد الطاولات في الزوايا المظلمة للحانة لكون زميلي يخشى أن يراه أحد يعرفه فيفضح أمره عند أهله المتدينين.
أنا: شفيك رايح هالصوب؟ تستحي!
زميلي: لا بس زحمة المكان و أخاف واحد أعرفه اشوفنا و أسويلي فضيحة
أنا: (ضاحكاً) اقعد انزين! اصلاً اللي إجي هالأماكن جاي يشرب و ينبسط مو جاي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر.
أتت النادلة فطلب زميلي بيرته المعتادة بينما قررت أن أجرب الويسكي هذه المرة. تلفتنا يميناً وإذا بطاولة مليئة بكل ما لذ و طاب من شراب يحتسيها ثلة من الأمريكيين، كل محاط بآسيويتين على أقل تقدير، و تعتليها ضحكات الآسيويات المصطنعة.
أنا: شوف ذيك الطاولة، الفندق قايم سوقه الليلة
زميلي: (ضاحكاً) أنت شوف اشكال البنات. اتلوع الجبد. الأمريكي من تعطيه كاس ما اقول لأ لأحد حتى لو كان ريال.
ما أن أكملت كأسي الأول إلا وبآسيوية تتجه لطاولتنا مرتدية مالا يمكن وصفه إلا بملابس داخلية للنوم تظهر معالم جسمها الفاتن الذي يصعب مقاومته. سلمت عليها و دعوتها للجلوس معنا فقبلت بدون تردد.
زميلي: (مستغرباً) من صجك انت ؟!
أنا: تعرفني انا مو مال هالسوالف بس نضحك عليها.
زميلي: (مبتسماً) يالله راوينا شطارتك!
الآسيوية: إسمي ليلي، كيف حالكم يا شباب.
أنا: حالنا أفضل بعد أن رأيناك يا عسل.
الآسيوية: (ضاحكةً) توقف أنت تحرجني.
أنا: تعملين هنا؟
الآسيوية: نعم.
أنا: (ملوحاً للنادلة) ماذا تشربين ياعزيزتي؟
الآسيوية: فودكا بلو لوسمحت.
أنا: أتردد كثيراً على هذه الحانة ولكنها المرة الأولى التي اراك فيها. اانت جديدة هنا؟
الآسيوية: نعم. وصلت للبحرين الأسبوع الماضي.
أنا: وما رأيك في البحرين؟
الآسيوية: أفضل بكثير من بلدي.
أنا: لماذا ذلك؟
الآسيوية: ما أكسبه في البحرين في الشهر الواحد يعادل ما أكسبه عاماً كاملاً في بلدي.
أنا: أعرف شعورك. عملت في اوروبا لفترة من الزمن و كنت أكسب ما يعادل مرتب وزير في البحرين لكن إلتزاماتي العائلية حتمت عليي الرجوع.
زميلي: (مبتسماً و بصوت خافت) بل! وصارت عندك إلتزامات عائلية بعد! بروحك اتدور شغل برة و تبي اتهاجر من الوضع التعبان.
أنا: (ضاحكاً) اسكت لاتطلع تفهم عربي!
الآسيوية: (بوجه عابس) لدي ابن مريض و عملي يغطي تكاليف علاجه. لا أنوي البقاء هنا بعد علاجه.
زميلي: مسكينة.
أنا: يمكن اتقول الصدق و يمكن تبي تكسر خاطرنا. أغلب الظن تبي تكسر خاطري حق اراعيها في المقسوم بعدين، وحتى لو صدق هالشي ما ابرر العمل في مهنة خطرة مثل هذي.
واستمر الحديث لأكثر من ساعة حتى بدأت ملامح الملل تظهر على الآسيوية.
الآسيوية: لديك حجرة يا عزيزي؟
أنا: نعم، سنترك صديقي هنا.
زميلي: (ضاحكاً) شدعوة ، انا بصير الشاهد!
أنا: بكم؟
الآسيوية: 15 دينار للمرة الواحدة.
زميلي: (ضاحكاً) هذي عيادة اسنان مو قحبة!
أنا: للأسف علي توصيل صديقي للمنزل.
الآسيوية: بإمكانه الإنتظار هنا.
أنا: اتركي رقمك و سأتصل بك في يوم آخر.
الآسيوية: لا مشكلة رقمي هو 99 ، ماهو رقمك؟
أنا: رقمي 99 .
بعد ذلك تركتنا الآسيوية و أكملنا الشرب و تبادل الأحاديث حتى قاربت الساعة الثانية صباحاً و إذا بأحد النادلات تنادي "سنغلق المحل بعد قليل". في تلك الأثناء خرج جمع الأمريكيين و هم في حالة يرثى لها من الثمل كل و معه آسيوية لخارج الفندق بعكس العادة في مثل هذه الأماكن و التي تمنع خروج بنات الهوى خارج الفندق. خرجنا خلفهم وإذا بهم يحدثون ضجة في الشارع و يبدأ المكان بالاكتظاظ بسيارات التاكسي تأهباً لتوجه كل فرد لمكان سكنه. كوننا لم نكتفي بالمقدار الذي شربناه و لم يمضي على وجودنا وقت طويل قررنا المشي لأحد الحانات في فندق قريب و التي يبدوا أنها مرخصة للعمل حتى الصباح. في طريقنا مررنا بأحد الفنادق ذات الخمس نجوم و كان خارجها مجموعة من الشباب القطري يبدوا عليهم الثمل بشكل واضح. في تلك الأثناء مرت دورية للشرطة و أكملت مسيرها و كأن شيئاً لم يكن. لمح زميلي سيارة صغيرة بها ثلاث خليجيات مرتديات العباءة للكتف و في أحلى زينتهم من إكسسوارات و ماكياج. أوقفوا سيارتهم بالقرب من الفندق و توجهوا له. في بداية الأمر توقعت أن يكونوا مغربيات لاشتهار هذا الفندق بتوفير المغربيات لزبائنه. مررنا بالقرب منهم و نحن في طريقنا فتعرفنا على لهجتهم الكويتية المميزة. تعدت الساعة في هذه الأثناء الثانية و النصف صباحاً. أثناء دخولهم ابتهج جمع القطريين وبدءوا التصفيق و الغناء ثم دخلوا الفندق خلفهم. قتلنا الفضول فتبعنا الكويتيات للفندق لنلقي نظرة.
( للحديث بقية...)